الذهب والدولار في مرمى السياسات المفاجئة: هل تدفع تدخلات ترامب الاقتصاد نحو ركود عالمي؟
شهدت الأسواق المالية يومي الأربعاء والخميس تقلبات حادة عقب تصريحات مفاجئة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي تراجع عن تهديده السابق بإقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، وهو ما أدى إلى ارتفاع حاد في مؤشر الدولار الأمريكي وتغير نغمة العقود الآجلة بشكل لافت.
وقد جاءت هذه التطورات بعد فترة من التوترات المتعلقة باستقلالية الاحتياطي الفيدرالي، ما أثار قلق المستثمرين بشأن مستقبل السياسة النقدية في الولايات المتحدة، خاصة في ظل تدخلات ترامب المتكررة. وعلى الرغم من أن هذه التصريحات ساهمت في تهدئة الأسواق نسبيًا، إلا أن آثارها انعكست على تحركات الذهب والدولار بشكل دراماتيكي.
الدولار الأمريكي: ارتداد مؤقت أم بداية لتراجع طويل؟
سجل مؤشر الدولار الأمريكي ارتفاعًا واضحًا عقب تراجع ترامب عن تهديده، وهو ما اعتبره المستثمرون إشارة إيجابية لاستقرار السياسة النقدية. ومع ذلك، فإن المؤشر يواجه حاليًا دعمًا تقنيًا مهمًا عند المتوسط المتحرك لـ100 يوم (100 DMA) عند 98 دولارًا. وفي حال كسره، فإن الدعم التالي قد يكون عند المتوسط المتحرك لـ200 يوم (200 DMA) عند 91.61 دولار، ما ينذر بانخفاض أعمق محتمل في المستقبل القريب.
الذهب: تذبذب في الاتجاه بانتظار الحسم
أما العقود الآجلة للذهب، فقد أظهرت تحركات غير حاسمة على خلفية هذه الأحداث. وبالرجوع إلى التحليل الفني، فإن الذهب يواجه دعمًا رئيسيًا عند 2971 دولارًا. كسره قد يفتح الباب لهبوط أوسع يصل إلى 2825 دولارًا، وهو ما يتوافق مع المتوسط المتحرك البسيط لمدة 9 أيام. وعلى الجانب الآخر، في حال التعافي، فإن المقاومة الفورية تقف عند 3373 دولارًا.
ترامب وسياسات الاقتصاد المفاجئة
منذ توليه الرئاسة لأول مرة في يناير 2017، عُرف ترامب باتخاذه قرارات اقتصادية فجائية أثرت على استقرار الأسواق العالمية. وبعد فوزه مجددًا في انتخابات نوفمبر 2024، أطلق وعودًا بإصلاح شامل للسياسات الاقتصادية، لكن المراقبين يرون أن تلك الوعود جاءت على حساب استقرار الأسواق، بل وساهمت في تعميق مخاوف الركود العالمي خلال 2025.
ويُعتقد أن تدخل ترامب الأخير هدفه حماية الدولار من الضعف المفرط، بعد أن اتضح له تأثير قراراته الجمركية المتشددة على الاقتصاد الأمريكي والعالمي. ورغم ذلك، تبقى حالة من عدم اليقين تهيمن على المشهد الاقتصادي، في ظل غياب مستشارين اقتصاديين دائمين حول الرئيس.
بين تحركات الذهب المضطربة، وصعود الدولار المفاجئ، وتدخلات ترامب المتكررة في السياسة النقدية، تبقى الأسواق العالمية في حالة من الترقب والقلق. ويُنصح المستثمرون باتخاذ قراراتهم بحذر شديد، مستندين إلى التحليل الفني والمعطيات الواقعية، مع الأخذ بعين الاعتبار الطبيعة المتقلبة للقرارات السياسية الأمريكية.